من الزجاج إلى الحجر
آن هولتروب (بحريني – دينش)
يركز هذا العمل البحثي على التحولات التي تمر بها الصخور لتصبح زجاجاً، ثم مخلفات تدخل في إنتاج الزجاج من جديد.
خلال عملنا التحضيري لبينالي الدرعية للفن المعاصر 2024، كان لدينا تساؤلان في غاية الأهمية يتمحوران حول موقعه الخاص وسياقه الفريد تاريخياً وثقافياً: أولاً، كيف يمكننا اختيار مواد البناء التي يمكن الحصول عليها من الموارد الطبيعية المحدودة في بيئة المملكة؟ وثانياً، كيف يمكن للمراحل الانتقالية الإضافية أن تساهم في تحفيز الابتكار في عملية إنتاج الزجاج؟
عندما نبني، فإن عملية البناء تشمل أكثر من موقع: الموقع الذي نشيّد فيه المبنى والموقع الذي نستمد منه المواد اللازمة. فالمناجم، ومواقع الحَفْر، والمحاجر التي نستخرج منها المعادن هي مصادر مواد البناء: لكي نبني، علينا أن ننقب. لذا فنحن نعمل في موقعين على أقل تقدير: موقع استخراج المواد الخام وموقع البناء. وجميع المواقع التي تقع بين هذين الموقعين، والتي تشهد تطويع المادة وتشكيلها، تُعد مواقع عمل أيضاً.
يمكننا تصور كل موقع على أنه مصدر لانهائي لمواد البناء، فحيثما تضع رجلك، ستجد كيمة ضخمة من المواد. ورغم وجود هذه الكمية الكبيرة، إلا أن المادة ليست شيئاً ثابتاً ومستقراً من وجهة نظر جيولوجية، فهي في الواقع دائمة الحركة والتغيّر، ولذا فهي أرضية غير مستقرة على الإطلاق.
في عصرنا الحالي، فقدنا الصلة بين مصادر استخراج ونقل المواد من جهة، ومواقع استخراجها وتصوّرنا لكيفية تحولها من مرحلة إلى أخرى من جهة أخرى. فالفكرة من وراء تحويل المادة من شكل إلى آخر هي إدخال آثار الحالات المادية المختلفة التي تسمح لنا بفهم هذه العملية التحولية، أي انتقال المادة ومراحل تغيرها من موقع لآخر. ومن بين هذه الآثار: آثار التشكل الجيولوجي، وآثار تغير المادة، وآثار التحولات في حالة المادة، والآثار الناتجة عن انتقال المادة من موقع إلى آخر.
جميع العينات المعروضة هنا، بما في ذلك الباب الخارجي، مصنوعة بنسبة 100% من زجاج ملتحم ومعاد استخدامه. تتوفر في المملكة العربية السعودية مرافق لإنتاج كميات كبيرة من الزجاج المصقول وزجاج الأواني، إضافة إلى مواقع لاستخراج المواد الخام. في صناعة الزجاج، لا يتم استخدام أكثر من حوالي 30% من الزجاج المعاد تدويره لإنتاج الزجاج الجديد، وذلك بسبب عدم توافق أنواع الزجاج المختلفة وبسبب آثار التلوث المتبقية فيه. من جهة أخرى، فعند إعادة تقييم نتيجة المادة الزجاجية المعاد تدويرها بنسبة 100%، فسنرى بين أيدينا نوعاً جديداً من الزجاج له خصائص محددة.
في الاختبارات التي أجراها خبراء الزجاج، تم تحديد درجات حرارة محددة لعملية اللحام، إضافة إلى مزيج من الشظايا بأحجام محددة. وقد تم إنشاء العينات باستخدام زجاج الأواني والزجاج المصقول المحطم، حيث تم تذويب أحجام مختلفة من الشظايا عند درجات حرارة مختلفة في فرن الزجاج. وتميزت العينات الزجاجية الناتجة بمظاهر متباينة، ابتداءً من الشفافة والبلورية، ووصولاً إلى أنواع جديدة من الزجاج شبيهة بالحجر.
يُعرض عمل "من الزجاج إلى الحجر" (2024) في منقطة الشُرفة والمنطقة الخارجية من بينالي الدرعية للفن المعاصر 2024 في حي جاكس.