النبات المعماري
باولو تافاريس
يحدثنا الفنان باولو تافاريس حول "النبات المعماري" والدروس التي يقدمها علم الآثار النباتي للعمارة من ناحية الممارسة والبحث والنُهج والتحولات المعرفية.
في أوائل الثمانينات، أثناء عمله مع شعب الكابور في شرق الأمازون، واجه عالم النبات الشاب القادم من أمريكيا الشمالية ويليام بالي، ما يسميه الكابور في لغتهم بـ "تابير"، وهو نوع معين من الغابات يقولون أن أسلافهم قاموا بزراعتها:
"أخبرني المستشارون من الكابور – والذين اعتبرتهم الأكثر إلماماً بأنواع الغابات والتجمعات النباتية – بأن وجهتنا، والتي كانت تبدو كغابة طبيعية قديمة، أي غابة حقيقية، هي في الواقع قرية قديمة مندثرة، تركها سكانها منذ مدة طويلة. كانوا يسمونها "تابير"[...]. أي الغابة ذاتها – وهي التي تشهد بشكل حي ومتجدد على حياة أولئك البشر الذين عاشوا هناك."1
لأي شخص لا يعرف المكان، ولا ينظر إلا ضمن أُطر الثقافة الغربية، تبدو هذه الغابات مناظر طبيعية نقية لم تُمسَّ من قبل. إلا أن خبراء النبات من الكابور الذين أطلعوا ويليام بالي على معلوماتهم كان يستطيعون تمييز أنواع الغابات المفردة بسهولة، حيث كانوا يسمونها بمصطلحاتها المناسبة ويقرنونها بمعانٍ تاريخية ورمزية فريدة، ويرسمون ملامح قرية قديمة مندثرة في أنماط الأشجار والكروم والنخيل والنباتات الأخرى في ذلك المكان. يقول بالي: "ذهبت البيوت والحدائق والحيوانات الأليفة منذ زمن بعيد، إلا أن الأشجار الصامدة هناك كانت مؤشراً على الأحداث السابقة في تاريخ الإنسان."2
ما كان يبدو للنظرة الغربية مشهداً طبيعياً تملأه فوضى الحياة، أي بيئة يميزها غياب تدخل البشر واختياراتهم ومنطقهم، كان شعب الكابور يفسرونه على أنه أطلال حية لقرى بناها أسلافهم، ونوع من الآثار المعمارية المشبعة بماضٍ إنساني عميق تتجسد ذكرياته في هيكل الغابة ذاته.
ما أعجب بالي بشكل خاص هو أن مناطق التابير، رغم كونها مصممة اجتماعياً، إلا إنها كانت غنية بيولوجياً تماماً كالغابات "الحقيقية"، بل إنها أكثر تنوعاً منها في بعض الأحيان. يستخدم العلم الغربي مجموعة من المصطلحات من قبيل "حقيقي" و"بكر" و"بدائي" و"منطقة نمو قديم" لتصنيف بيئات الغابات التي لم تمسها أيدي البشر، والتي تقدمت إلى سن يسمح لها بالوصول إلى حالة الذروة البيئية، والتي تحتوي الغابة فيها على أعلى مستويات التنوع البيولوجي. أما غابات التابير، والتي تميزت بسمات مماثلة للغابات القديمة، رغم كونها مواقع لقرى قديمة حسب تصور الكابور، فقد شكلت صورة جديدة للغابات لم يتمكن التفكير العلمي الغربي من فهمها واستيعابها، وذلك لأنها كانت تبدو غابات طبيعية حقيقية، ولكنها في الواقع هي مشاهد طبيعية مصممة. ما كان يبدو للنظرة الغربية مشهداً طبيعياً تملأه فوضى الحياة، أي بيئة يميزها غياب تدخل البشر واختياراتهم ومنطقهم، كان شعب الكابور يفسرونه على أنه أطلال حية لقرى بناها أسلافهم، ونوع من الآثار المعمارية المشبعة بماضٍ إنساني عميق تتجسد ذكرياته في هيكل الغابة ذاته.
لا توجد ترجمة بسيطة لما يسميه الكابور باسم (تابر) لأن اللغات الغربية تفتقر إلى المفردات والهياكل الفكرية اللازمة.
لا توجد ترجمة بسيطة لما يسميه الكابور باسم (تابر) لأن اللغات الغربية تفتقر إلى المفردات والهياكل الفكرية اللازمة. يميز شعب الكابور بين نوعين من الغابات على الأقل: (كاآ-تيه)، وهو مصطلح يعني "الغابة العالية"؛ و(تابر)، وهو ما ينتج من "تحول طويل المدى للمشهد الطبيعي، وهي ظاهرة يدركونها بشكل عميق"، كما أوضح بالي في مقابلة أجريتُها معه في عام 2018.3 ولإدراكه لمخاطر الترجمة دون معرفة واسعة، يعرِّف بالي مصطلح (تابر) بحذر، قائلاً: "هي غابة قديمة النمو يرتبط وجودها بسببية بشرية."
اللغة مهمة للغاية، لأنهم يميزون بين هذه الغابات المختلفة في لغتهم. كنتُ مهتماً جداً بفهم تلك الفروق من خلال نظامهم التصنيفي، ولا يمكنك القيام بذلك إن لم تفهم لغتهم، حيث إن مهمة المترجم مستحيلة هنا. فلا يوجد مقابل حقيقي لهذه الغابة الثقافية في اللغة الإنجليزية أو البرتغالية.4
طوال الثمانينيات، وأثناء عمله مع شعب الكابور، تدرب بالي على لغة التوبي-غواراني، وأجرى سلسلة من البحوث النباتية المفصلة في مناطق مختلفة من أراضيهم، مما سمح له بفهم المعرفة النباتية لشعب الكابور وأساليبهم المتطورة في تفسير المشاهد الطبيعية من خلال تصنيف الغابات بشكل أكثر تنوعاً مقارنةً مع علم النبات الغربي، وخاصة عن طريق ملاحظة بعض أنواع الأشجار والنخيل التي تعمل كـ "مؤشرات على النشاط البشري."5
في نهاية المطاف، تعلم بالي كيفية التعرف على الماضي الاجتماعي لهذه الغابات من خلال تفسير سجلاتها الأثرية، مثل تواجد وتوزيع أنواع معينة من النباتات والنخيل والأشجار، وتنوع وتركّز أنواع معينة من النباتات في مساحة معينة، وشكل الغطاء النباتي، وتكوين التربة، وما إلى ذلك. فتحت هذه المعارف طرقاً جديدة لفهم الدور الذي لعبته أنماط سكن وإدارة الأرض في ثقافة الكابور – وفي ثقافات سكّان الغابات بشكل أعم – في إنتاج تحولات قد لا تُلحظ بسهولة في مشهد الغابة، خصوصاً أن هذه الغابات المصممة من قبلهم شبيهة بالغابات الطبيعية، بل إنها تتعدى ذلك لتصبح أكبر تنوعاً من الناحية الأحيائية.
اللغة مهمة للغاية، لأنهم يميزون بين هذه الغابات المختلفة في لغتهم.
إضافة إلى الملاحظات الميدانية الموسعة حول نظام الكابور لتنصيف النباتات والمصطلحات الخاصة بذلك، التقط وليام بالي مئات الصور لتشكيلات غابات (التابر)، كما جمع العديد من عينات النباتات التي ترصد منشأ وتصميم هذه الغابات على أيدي البشر. جمع هذا الأرشيف الأدلة التي أفضت إلى العمل العلمي الرائد الذي ألفه بالي في الثمانينيات والتسعينيات، حيث طرح فرضيته القائلة أن مساحات شاسعة من غابة الأمازون ليست طبيعية كما نظن وإنما "ثقافية".6 ولم يكن بالي الوحيد في طرح هذه الحجج، بل ظهرت وجهات نظر أخرى في مجال علم الآثار تشكك في التصور الغربي للأمازون على أنها "غابة بكر"، منها أعمال رائدة ألفها مايكل هكنبرغر وادواردو غويس نيفيس.7 منذ لك الوقت، ظهرت دراسات جديدة تؤيد هذه الفرضيات المبكرة وتثبت أن ملاحظات بالي كانت في الواقع محافظة جداً، مما يُظهر أن غابة الأمازون الممطرة، وهي المنطقة ذات التنوع الأحيائي الأكبر في العالم، هي إلى حد كبير إرث مكاني يضم تصاميم طبيعية من السكان الأصليين.
غابة الأمازون الممطرة هي المنطقة ذات التنوع الأحيائي الأكبر في العالم، هي إلى حد كبير إرث مكاني يضم تصاميم طبيعية من السكان الأصليين.
منذ أن تعرفت على أعمال وليام بالي قبل نحو عقد من الزمان، كنتُ وما زلت مهتماً بدراسة أرشيف صور غابات التابير التي التقطها في الثمانينيات مع شعب الكابور. وانطلاقاً من فرضية أن تلك الصور تمثل مشاهد لغابات مصممة وتُصوِّر عناصر من تلك الغابات، فيتوجب علينا أن نفسر هذه المجموعة على أنها أرشيف معماري بدلاً من كونها أرشيفات للتاريخ الطبيعي أو النباتات المعتادة التي نراها في حدائق النباتات والمتاحف. لذلك، يتعين علينا أن نغير نظرتنا ونتخلص من أطُر النظرة الاستعمارية، وأن ننظر إلى تلك الصور كمجموعة من التشكيلات المكانية وتقنيات التصميم الطبيعية التي تنتج التنوع البيولوجي.
يتعين علينا أن نغير نظرتنا ونتخلص من أطُر النظرة الاستعمارية، وأن ننظر إلى تلك الصور كمجموعة من التشكيلات المكانية وتقنيات التصميم الطبيعية التي تنتج التنوع البيولوجي.
في المقابلة التي أُجريتُها عام 2018 مع ويليام بالي، والتي كانت جزءاً من أبحاثي الميدانية لمشروع البحث التابع لمركز العمارة الكندي بعنوان (العمارة مع البيئة ومن أجلها)، عدنا لمناقشة أرشيفه الفوتوغرافي بالتفصيل. ما يبرز من حديثنا هو عملية الترجمة بين علم النبات وعلم الآثار، وبين الطبيعة والعمارة، والتي تطرح عدة أسئلة ملحة حول العمارة وعلاقتها بالبيئة في الوقت الحالي. ما الذي يتغير، على سبيل المثال، عندما ندرك أن المساحة التي كنا نعتبرها طبيعية أو برية – بحسب إطارات الهيمنة المعرفية للحداثة الاستعمارية — هي في الواقع نتاج ثقافي واجتماعي؟ إضافة إلى ذلك، ما هي الدروس التي يقدمها علم الآثار النباتي للعمارة من ناحية الممارسة والبحث والمنهجيات والتحولات المعرفية؟
لكل ما سبق تأثيرات مهمة على العناصر التي تدخل في أرشيف العمارة وتاريخه وتراثه.8 يجب الرد على هذا السؤال ليس فقط من خلال النظر إلى المواد الأرشيفية للعمارة، ولكن أيضاً من خلال التعرف ما أهملته تلك الأرشيفات، أي الفجوات التي تعاني منها، والتي تعتبر بحد ذاتها أشكالاً من التعتيم التاريخي، والمحو، وقصر النظر. على سبيل المثال، يتجلى هذا الغياب أو المحو في طريقة تأطير مفهوم العمارة من خلال مفهوم التراث العالمي الذي تبنته منظمة اليونسكو منذ تأسيسها عام 1945. ضمن السياق التاريخي لنضالات الشعوب الأصلية على مستوى العالم، والتي أدّت لصدور الميثاق الدولي الأول لحقوق الشعوب "القبلية" في المؤتمر الدولي للعمل 169، كان علينا الانتظار حتى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي لنرى مناقشة مفهوم "المشاهد الطبيعية الثقافية"9 كوسيلة لفهم التراث الطبيعي والثقافي – وهو مفهوم يركز على "الأعمال المشتركة بين الطبيعة والإنسان". حيث أن التأطير الغربي السائد قيّد مخيلة المهندسة المعمارية لفترة طويلة جداً.
كان علينا الانتظار حتى أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي لنرى مناقشة مفهوم التراث الطبيعي والثقافي
في حالة "النبات المعماري"، يتجلى هذا الغياب أو المحو في النظرة الاستعمارية غير المعلنة نحو الميراث التاريخي والفني، والتي تصور الإرث الثقافي للحضارات القائمة في الغابات على أنها مبحث ينضوي ضمن علم الأعراق، أو في الفترة الأخيرة، كثقافة غير مادية، حيث نادراً ما تُعتبر تلك الحضارات إرثاً معمارياً. يمكننا أيضاً رصد هذا الغياب في التمثيل الناقص للتصميمات الطبيعية التي أنشأتها الحضارات الأمريكية الأصلية في المؤسسات الثقافية المعاصرة والأرشيفات المعمارية، وخاصة في المجموعة الأرشيفية الكبيرة التي يحتفظ بها مركز العمارة الكندي، والذي تم فيه إعداد العمل الفني "النبات المعماري".
نظراً لكونها مؤسسة أُنشِئَتْ في أراضي المستوطنين الاستعماريين، لا تُظهِر أرشيفات مركز العمارة الكندي صوراً لعمارة المساحات الطبيعية للشعوب الأصلية التي شكَّلت الأرض التي يقع فيها المبنى، مما يعكس رؤية استعمارية غير معلنة، حتى لو كان ذلك عن غير وعي. يتوجب علينا الوقوف عند هذه الفجوة في محتوى الأرشيف، على الأخص لأنها تلمح إلى طبيعة تاريخ العمارة وأنظمتها المؤسسية والمعرفية الداعمة للسلطة. من الضروري أن يقف أي تاريخ مغاير للعمارة والبيئة في قبال هذا الجهاز سالف الذكر – بجوانبه المؤسسية والتصوّرية والمفاهيمية – وهو جهاز دعم لهذه الهياكل السلطوية، كما ويتوجب على هذه النظرة التاريخية المغايرة أن تتجه نحو تنقية الأرشيف والممارسات الأرشيفية من الفكر الاستعماري، بدءاً من مركز العمارة الكندي ووصولاً إلى المؤسسات الأخرى.
يمكننا رصد هذا الغياب في التمثيل الناقص للتصميمات الطبيعية التي أنشأتها الحضارات الأمريكية الأصلية في المؤسسات الثقافية المعاصرة والأرشيفات المعمارية
من خلال سبر هذا الفراغ، وهذا الغياب، تقدم مجموعة الصور الفوتوغرافية التي التقطها بالي إطاراً مفاهيمياً جديداً للعلاقات بين الهندسة المعمارية والبيئة، وبالتحديد الطريقة التي مثلت فيها الهندسة المعمارية قوةً مهيمنة – سواءً كانت تلك القوة أيديولوجية أو خيالية أو مادية – ودور تلك القوة في تشكيل رؤية استعمارية تجاه الطبيعة. يسلط ذلك الضوء على أنماط التصوير والسرد التي تُعنى بالتشابكات بين الهندسة المعمارية والبيئة، والتي تشكك في أنظمة المعرفة والتمثيل المتعلقة بمعايير وتخصصات متعددة. فالأرشيف المعروض هنا ينظر نظرة أخرى، طريقة أخرى للمعاينة والتأطير والتنسيق، قادرة على تفسير هذه المساحات الطبيعية بلغة مختلفة، بل حتى معارِضة. بمعنى آخر، يتطلب الأمر تحويل النظرة إلى مسار جديد.
أنماط التصوير والسرد التي تُعنى بالتشابكات بين الهندسة المعمارية والبيئة، والتي تشكك في أنظمة المعرفة والتمثيل المتعلقة بمعايير وتخصصات متعددة.
في هذا الصدد، عند التفكير في العلاقات بين الهندسة المعمارية والبيئة، سواءً كانت المساحات الطبيعية أم المصممة، يجب على الفرد أن يعنى بمشكلة التطبيع – أي إزالة العنصر الاجتماعي والسياسي – من مفهوم الطبيعة، وبالتالي من مفهوم البيئة وما يصاحبها من مفاهيم أخرى. مثل كل المفاهيم العالمية التي وضعتها الثقافة الغربية، فإن فكرة الطبيعة معرفة اجتماعياً وثقافياً، أي أنها بناء وتركيب يعتمد على سياق تاريخي خاص. ترتبط أصول مفهوم الطبيعة بالمظاهر الاجتماعية، والتي من بينها الثقافة والمعرفة والتقنية والاقتصاد – والتي نشأت في سياق التوسع الاستعماري الأوروبي.
من بين الثقافات البشرية المتعددة التي تعيش على هذا الكوكب، فإن نظرة الثقافة الغربية إلى الطبيعة هي الاستثناء وليس القاعدة، وهي فريدة بالرغم من ادعائها أنها ثقافة عالمية.10 ومع ذلك، وكما يظهر لنا من تاريخ الحداثة الاستعمارية، فإن القوة العالمية لهذه النظرة تتعدى حجمها الأصلي، حيث لعب مفهوم الطبيعة الغربي دوراً حاسماً في السيطرة على أراضي السكان الأصليين وإبادتهم. أما اليوم فتستمر هذه الرؤية الشيئية للطبيعة في تشريع عمليات الاستيلاء على الأراضي والتهجير والخصخصة.
كيف شكلت الهندسة المعمارية إحدى أنظمة المعرفة والتمثيل المتعددة التي طُوّعت لاختراع وإنتاج وتكرار الطبيعة والبيئة بأنواعها، سواء داخل أو خارج مجال تخصصها؟
عند التعامل مع الطبيعة والبيئة بأشكالها المتعددة، على البحث المعماري أن يشكك في ذات المفاهيم التي يتعامل معها البحث، وأن يتحدى الافتراضات المسبقة والتعريفات التقليدية من أجل إظهار طبيعتها المبنية والجهد الاجتماعي والأيديولوجي والسياسي الذي تتطلبه عملية البناء هذه. أما الرد الشائع الذي يفيد بأن مفهوم البيئة ليس مفهوماً سياسياً، فيشير بالضبط إلى عملية "التطبيع" هذه – وهو مصطلح يشير إلى الإخفاء أو التعتيم في هذا السياق – وهي عملية تطال الجوانب التاريخية والاجتماعية والسياسية التي منعت المفاهيم الطبيعية المختلفة من الظهور وتشكيل الأفكار والمدن والأراضي. كيف ظهرت هذه الأفكار والمفاهيم كمشكلة تواجه الهندسة المعمارية؟ كيف تم إهمال الآخرين، وتصفيتهم، أو حتى محوهم؟ والأكثر من ذلك، كيف شكلت الهندسة المعمارية إحدى أنظمة المعرفة والتمثيل المتعددة التي طُوّعت لاختراع وإنتاج وتكرار الطبيعة والبيئة بأنواعها، سواء داخل أو خارج مجال تخصصها؟ ومن الناحية المنهجية، تتطلب هذه المهمة أن يتتبع البحث المعماري الأشكال المختلفة لترميز وتمثيل وتتبع وأرشفة ومأسسة المعرفة التي تم إبرازها من خلال الهندسة المعمارية التي أنتجت أفكاراً وصوراً للطبيعة، وهي أفكار وخيالات تبدو طبيعية ومحايدة بفضل قوتها التي لا تضاهى، كما لو كانت بدون تاريخ وسياسة ترتبط بها. يتيح الانغماس في أرشيف ويليام بالي فرصة النظر إلى الطبيعة والعمارة بنظرة مختلفة ومناهضة للاستعمار، وهي نظرة تصوّر العمارة كعملية غرس، وأرشيف العمارة كنمط من أنماط علم النباتات، مما يعني إنشاء بنيان يقوم على علم النباتات يتيح لنا استعادة أساليب إصلاح وزراعة كوكب الأرض لمواجهة أزمة المناخ العالمية.
المقال أعلاه هو مقتطف من "النبات المعماري: حديث مع ويليام بالي حول الغابات المبنية"، الفصل الثامن من "التاريخ البيئي للهندسة المعمارية"، وهو كتاب متوفر للجميع نشره المركز الكندي للهندسة المعمارية في مونتريال. تتوفر كل فصوله للتنزيل على شكل PDF و ePub من خلال Library Stack.
ملاحظات
1 بالي، ويليام ل. 2013. "الغابات الثقافية في منطقة الأمازون: علم البيئة التاريخي للناس ومناظرهم الطبيعية". توسكالوسا: مطبعة جامعة ألاباما. 7 و10 على التوالي.
2 بالي، "غابات الأمازون الثقافية"، 10
3 ويليام بالي، مقابلة أجراها المؤلف، 8 أغسطس 2018.
4 ويليام بالي، مقابلة أجراها المؤلف، 8 أغسطس 2018.
5 ويليام بالي، مقابلة أجراها المؤلف، 8 أغسطس 2018.
6. يطرح بالي هذه الحجة في العديد من الأوراق والمقالات العلمية، ولكن بشكل خاص في كتابه "الغابات الثقافية في الأمازون".
7 هيكنبرجر، مايكل. 2005. "إيكولوجيا السلطة: الثقافة والمكان والشخصية في منطقة الأمازون الجنوبية"، 1000-2000م. نيويورك: روتليدج. نيفيز، إدواردو جويس. 2022. "توقيت الاعتدال: سنة بعد سنة من تاريخ الأمازون الوسطى. ساو باولو: EDUSP/FAPESP.)
8 أناقش هذه الأسئلة بمزيد من التفصيل، لا سيما تلك المتعلقة بالتراث المعماري، في كتاب باولو تافاريس، "الأشجار والكروم والنخيل والآثار المعمارية الأخرى"، "مجلة هارفارد للتصميم: داخل الغابة"، العدد. 45 (ربيع/صيف 2018).
9 حسب اتفاقية التراث العالمي لليونسكو لعام 1992، انظر: [على الإنترنت]
10 ديسكولا، فيليب، وجانيت لويد. 2013. "ما وراء الطبيعة والثقافة". شيكاغو ؛ لندن: مطبعة جامعة شيكاغو.